فرصة أخيرة للمتورطين- تسويات مالية للخروج بأقل الخسائر من قضايا الفساد

المؤلف: حمود أبو طالب10.14.2025
فرصة أخيرة للمتورطين- تسويات مالية للخروج بأقل الخسائر من قضايا الفساد

في هذا العصر الذي تتصدى فيه الدولة بكل قوة وحزم لاستئصال شأفة الفساد بكل أشكاله وأنواعه، مهما كان المتورط فيه ومن أي مكان كان، فإنها تمنح في الوقت نفسه فرصة سانحة لأولئك الذين يرغبون في تجنب أسوأ العواقب الوخيمة والتبعات الجسيمة قبل أن تطالهم يد العدالة القوية، وينكشف أمرهم أمام الملأ، ويدفعون الثمن غالياً لما اقترفت أيديهم الآثمة. لقد تغيرت وتبدلت الأحوال التي كان ينعم فيها الفاسدون بالتجاهل والتساهل والتغاضي عن أفعالهم المشينة، وذلك نتيجة لأسباب عديدة وجوهرية، من أهمها ضعف القوانين والتشريعات المتعلقة بمكافحة هذه الآفة الخطيرة، والتراخي والتساهل والانتقائية في تطبيقها تطبيقاً ضعيفاً، ولكن الآن أصبحت نجاة الفاسد من الاكتشاف والعقاب احتمالاً بعيداً وضعيفاً، سواء طال الزمن أو قصر، وبالتالي فإنه يجب على الذين سقطوا في براثن هذه الجرائم الخبيثة أن يسارعوا للاستفادة القصوى من أي فرصة ثمينة تمنحها الدولة لهم للخروج بأقل الخسائر والأضرار الممكنة، ومن بين هذه الفرص الأمر الملكي السامي الذي صدر مؤخراً، والذي يقضي بالموافقة على قواعد وإجراءات التسويات المالية مع أولئك الذين ارتكبوا جرائم الفساد، سواء كانوا من ذوي الصفة الطبيعية أو الاعتبارية.

وفي هذا الصدد، دعا رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد جميع المتورطين إلى الاستفادة المثلى من قواعد إجراء التسويات المالية، باعتبارها إحدى الصور المضيئة للعدالة التصالحية، مع التأكيد الشديد على عدم تحريك الدعوى القضائية الجزائية بحق المبادرين الذين يتم إجراء التسوية معهم في جرائم الفساد المالي قبل صدور الأمر الملكي الكريم. كما أكد أيضاً على أن القواعد الخاصة بإجراء التسويات المالية تهدف بشكل أساسي إلى استعادة الأموال المنهوبة المسلوبة، وتحقيق العدالة الناجزة والسريعة في قضايا الفساد المالي، وأن الدولة ماضية قدماً وبقوة في اتخاذ جميع الوسائل والآليات الضرورية واللازمة لتحقيق أعلى معايير النزاهة والشفافية، واستعادة الأموال والعائدات الناتجة عن ارتكاب جرائم الفساد البغيضة.

وانطلاقاً من دورنا، نتوجه بنصيحة خالصة إلى جميع المتورطين في جرائم الفساد، ونقول لهم إن الدولة تمد لهم يد العون وتقدم لهم طوق النجاة من المصير المظلم الذي ينتظرهم لو اعتقدوا أنهم في مأمن من خطر الاكتشاف، فهذه فرصة ذهبية لتطهير أنفسهم وغسل بعض العار الذي لحق بهم، وربما التخفيف من وطأة الذنب الفظيع الذي ارتكبوه، وتجنب الفضيحة العلنية والخزي والعار أمام الأهل والأقارب وجميع أفراد المجتمع. لقد عبثتم واستبحتم ما كنتم مؤتمنين ومسؤولين عليه من مقدرات وثروات الوطن العزيز، فبادروا الآن إلى إعادة ما تجرأتم عليه من نهب وسلب، وتذكروا دائماً العبارة القوية والحازمة التي أكدها ولي العهد: لن ينجو أبداً من تورط في جريمة فساد، كائناً من كان ومن أي مكان كان.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة